24‏/02‏/2012

تحقيق حول بارون المخدرات برقية بجماعة الحد الغربية/ اصيلة:


تحقيق حول جماعة الحد الغربية/ اصيلة
إعداد:إسماعيل طاهري
1- برقية أمير الحورش
برقية أمير الحورش
التقيت بالسارد فحكى لي حلما بطله أمير.. فيه الغبار والدماء وقافلة تتضمن رطلا من العربات وقوات من المخزن ترتدي زيا ملكيا مختلفا. وآخر مدنيا. وكان الفجر. وكان الهزيع الأخير، وبعدها شروق شمس يناير الباردة.
كذبته بعد اتمامه الحكاية، وقلت له هل هذه برقية أخرى تلقيتها من عالم الجنون؟ ارحل عني أيها اللعين...
استيقظت من نومي بعد عام مذعورا فوجئت بأنني عشت حلم السارد نفسه، والمخزن نفسه، وما الى ذلك من غبار، وحورش وأمير في الظلام. تحسست جسدي المحطم كأنه عائد بي من حرب داحس والغبراء. وإذا بعيني تقع على نشرة أخبار قناة تتحدث عن اعتقال الأمير نفسه اختلط لدي الحلم بالواقع. اعتدت ان انسى التلفزة مشتعلة في حجرة النوم، يغالبني النعاس عند العياء الشديد أو سماع حكايات كاذبة عن أمراء الهروين والبترول والغاسول.
بداية أولى:

هجرته زوجته وطلقها بدون أطفال. لم يدخل المدرسة قط، ولازال لحد الان لا يعرف القراءة والكتابة. يتخذ من الخلاء فراشه اليومي المعتاد، نادرا ما ينام في منزله الطيني الحقير الا إذا وفرت الحاشية حراسة مشددة من عدد من مدمني الهروين الذين يقومون بهذه المهمة "النبيلة" مقابل جرعات من يد البارون تجعلهم يطيرون في السماء بين "قرون الجبال" التي تحيط بحصنه.
اعتاد استعمال دراجة نارية لا يخلوا محركها من عدة احصنة فولاذية غربية أصيلة. كان يستغل بقايا شبابه في التحكم بقوة في أحصنة الدراجة النارية وحصانه الأصيل لتوزيع البضاعة أو الهروب.
بداية ثانية
الأمير الذي دوخ المخزن بشمال البلاد منذ سنتين، والشهير باستعمال صهوة جواده العربي الأصيل، تمكن مرة أخرى، على طريقة الكوبوي، من الإفلات من كمين جديد رغم محاصرته لمسكنه القروي في دوار "الحورش".
ظل الخبر سريا، وتم تهديد عناصر المخزن بالطرد من السلك في حالة إفشائه.
بداية اخيرة أو حلم السارد
قطع كوماندو المخزن مسافات طويلة بين عشرات الدواوير التي تفصل المدينة الزرقاء عن مقر سكن الأمير. فمنذ الهزيع الأخير والقافلة تجز أذيالها وسط عباب من الغبار المتطاير، فالطريق لم تدخل بعد عهد التعبيد، ويكفي أن تسقط الامطار لتقطع بالكامل، لكن والمطر هاجر البلاد وعاهلها أمر بإقامة الإستسقاء، فالطريق الى الحورش أضحت كأنها مملوءة بأطنان من دقيق التراب الرقيق. لم تصل القافلة الا دقائق بعد شروق شمس يناير الباردة. ووجه زوار الفجر باستقبال حار من كلاب الأمير لم تنجح في دخولهم قلعته المحصنة بالأشواك والأسلاك، لكنها نجحت في إفشال خطة القبض على الامير في فراش نومه كما فعلت القوات الفرنسية مع كباكبو رئيس الكوت ديفوار قبل شهور.
خرج الأمير الخمسيني بلباس النوم يحمل سيفا يشبه سيف خالد بن الوليد وبيديه قنينتين من الغاز المسيل للدموع كان يهدد المخزن، ويحاول استعمال الغاز، كل ذلك كان يجري على باب المنزل حيث يقيم وحيدا. استغرقت العملية بين شد وجذب حوالي ساعة. يصيح على هيئة "الحباسة" لا يمكن ان أدخل الى السجن الا ب"القطينة" جثة هامدة.
للأمير طقوسه الخاصة لم يكن يختلط بالناس كثيرا منذ سنتين ومباشرة بعد خروجه من سجنه الأخير بعد جريمة قتل بعروس الشمال. كان يرابط بمقهى "البارادا" على مدخل السوق الأسبوعي، أمتار قليلة عن مكتب قائد المخزن الإداري. يجلس على كرسي أبيض في طوار المقهى منتشيا بكأس شايه المزبل، أحيانا يمر عناصرالدرك ويؤدون له التحية العسكرية. حينها لم يدخل عالم الهروين كان مكتفيا بالمتاجرة بالتقسط في التبغ المحلي، وهو نشاط شبه مشروع بالمنطقة. لكن اعتقال بارون الهروين "الخراز"، فتح الطريق أمامه لدخول الإمارة بلا مواربة غير آبه بمخاطره على الرعية.
قبل اختفائه عن مقهى السوق كان يسامر بعض أصدقائه، وكان متوجسا من أي اكتضاض بشري بالفضاءات التي يرتادها. احيانا كان يرتدي بدلة غربية أنيقة بربطة عنق من العيار الثقيل، ويجلس وحيدا على كرسي بلاستيكي في الرصيف يرتشف قهوته في زهو وتضخم في أناه مقلدا ممثلي السينما واسكوبارات أمريكا اللاتينية. كانت قامته الطويلة بسحنة سمراء وملامح شبيهة لقسمات جمال عبد الناصر تعطيه هالة مثيرة لدرجة أن عددا من شبان القرية كانوا يعدونه مثالا للشهامة والقوة والإكبار,
الكل كان يخاف منه، وكان لا يصادق أحدا ولا يعادي أحدا ابتعد سنين طويلة عن أجواء أسرته الصغيرة وقضى معظمها بين مدن مختلفة زار سجون معظمها لمدة 15 سنة متفرقة. عاش طويلا في دروب مكناس المنسية متسكعا بين حاناتها ومنتشيا بنبيذها، وخبر أغوارها وعاشر مجرميها يقال أنه التقى بتلاميذ "مجينينا" وتعلم منهم الصنعة، هؤلاء الذين لا يفرقون بين مساكنهم وبين سجن تولال الشهير، المهم أن يعيشون حياتهم الخاصة بطرق جانحة عن أعراف وقوانين المجتمع،
فعقد ونصف متفرقة قضاها الأمير بين سجن وآخر غيرت جذريا من شخصيته, لكن رحلته الأخيرة الى عروس الشمال مكنته من تحقيق إنجازه العظيم في مجال الإجرام، ويقول الرواة انه اعتدى بنشوة على شخص وعذبه الى ان فارق الحياة بين يديه. حملت هذه الواقعة الامير للإقامة سنوات طويلة بسجن "سات فيلاج". ودمرت هذه التجربة ما تبقى بداخله من رهبة الضمير والخوف. بعد عودته من طنجة حرا الى دواره أقام في منزل بعيد عن عائلته الصغيرة، بعيدا عن العالم تزوج لكنه فشل في الحفاظ على زواجه.
كانت قوات المخزن بزي مدني وملكي، تطوق البيت بكامله من مختلف الجهات تفاديا لأية مفاجأة من داخله، الكلاب تنبح بقوة،لم تهدإ، لم تخن أميرها،الكلاب هي الوحيدة في العالم التي لا تخون صاحبها، مهما كانت الظروف، لم تتوقف الكلاب عن مهاجمة القوات الغازية. كعادته لجأ المخزن الى لغة الوعد والوعيد، لايستعمل المنطق نفسه في السياسة فقط وانما في محاربة الاجرام أيضا، حاولت عناصره توظيف مبادئ علم النفس في مواجهة الموقف وامتصاص هيجان الرجل القوي البنية. كان الأمير يعيش حالة تركيز شديد وفي موقف لم يصدق أنه النهاية. الشرر يتطاير من عينيه، ولا يعرف ما يفعل بنفسه، أمام أول موقف عصيب في حياته، فالإمارة ستضيع بين يديه، هل يقتل ام يقتل، كانت صور الماضي تلوح في ذهنه: أسوار مكناس العتيقة ودروبها الضيقة، انتصاراته الدوكيشوطية على المخزن كلما حلت بحصنه لتوقيفه في سرير النوم وإذا به يلوح لها من علي، فوق جبل على ظهر جواده منتشيا بفتحه العظيم.
كوماندو المخزن يسدد أسلحته النارية نحو رأس أمير الحورش والعناصر كانت بانتظار الإشارة من رئيسها لتصفيته في حالة تهديد حياة أي من حاملي السلاح الناري، تحول تفكيره وتهديده بقتل عناصر الكوماندو الى التهديد بقتل نفسه، وبمجرد تسديد عدة ضربات الى أنحاء من جسمه وبدأ دمه القاني يتطاير في الفضاء حتى هرع عناصر الكوماندو لالقاء القبض عليه حيا جسمه ملطخ بالدماء. لقد فشلت محاولة انتحاره.
فوجئ كوماندو المخزن بمسكنه الفلاحي البسيط، وان الشيء الوحيد الثمين الموجود بداخله هو 108 لفافة من الهروين، معدة للشم، وأسلحة بيضاء، ودراجة نارية كان يستعملها في ترويج البضاعة وجواد مغربي أصيل. ملف سوابقه كان ثقيلا صدرت بحقه 40 مذكرة اعتقال خلال 2011 وحدها بمفوضية شرطة أصيلة.
البرقية وصلت
استغرب سكان البلاد لعدم وجود أية مذكرة بحث في حق الأمير من لدن مخزن الدرك. وهذا ربما ما يفسر أداء التحية العسكرية له قبل سنتين عندما كان الأمير من الرواد الرسميين لمقهى بارادا قرب السوق الأسبوعية.
ربما يكون كوميسير أصيلة قد حقق نصرا امنيا غير مسبوق خارج مداره الحضري، وتفيد المصادر ان الكمين الذي قاه الرجل وفريقه قد اتى أكله رغم المخاطر التي كان يمكن أن ترافقه لو فشلت المهمة أو أصيب عناصر الشرطة والدرك بمكروه. ومهما كان تنسيقه مع الدرك الملكي والنيابة العامة فان دخول الشرطة الى العالم القروي يشكل سابقة لا بد من فتح نقاش قانوني بشأنها.
وسيكون يوم الأربعاء 4 يناير 2012 يوما مشهودا في تاريخ كومسير أصيلة بعد قيادة عملية الاطاحة بعبد السلام الشاوي الملقب ب"برقية". ونعتذر للقراء الكرام هنا والآن عن عدم نشر صورته في هذا التحقيق بطلب منه لانه يريد الحصول على مزيدا من الرتب العسكرية "الكرادات" فهو يخبئ وجهه لكي يطيح بجميع الأمراء الهروينيين والكوكاينيين بدائرة أصيلة وليس فقط بمدينتها. الصغيرة ولكن الكبيرة "المحاين". ولكن ذلك يتم على حسابنا، فقد حرمنا من أصل تجاري فنشر صورته خبطة صحفية قد تحمل ما تبقى من امراء الهروين ورعاياهم من شراء جميع نسخ جريدة فضاء البوغاز وسحبها من السوق ساعات بعد توزيعها في كل الأعداد التي ستصدرها مستقبلا.
السيد الكوميسير البرقية وصلت. لكن برقية في السجن.
نهاية صحفية
يعتبر دوار الحورش اقرب دوار الى دواوير جماعة سيدي اليمني فقد كان الامير يستغله كمنطقة استراتيجية للتحكم في قوافل الهروين. وفضاء أحد الغربية المفتوح على سفوح جبال الريف: جبال اربعاء عياشة وخميس بني عروس الشهيرة بالصوفية وزارعة الكيف.
وهذا الفضاء نفسه هو الذي استغله المايسترو الذي حطم رقما قياسيا في عدد مذكرات الاعتقال الصادرة بحقه من لدن الشرطة القضائية، حيث بلغت 150 مذكرة بحث على الصعيد الوطني. وكان يتحرك باسماء مستعارة للإفلات من المراقبة. قبل ان يتم إيقافه بتاريخ 11 دجنبر 2011 قرب مدينة طنجة عندما كان مخمورا رفقة خمسة من خلانه على متن سيارة رباعية الدفع.

















2- بلاد برقية ..ضربة تحت الحذاء..
حافلة مهترئة من القرون الوسطى انتظرتها قليلا في المحطة وعدت أدراجي الى محنة الركوب في طاكسيات هتلر تكدسنا بسبعتنا والكل متجهم ويلوي على شر.لم اعرف سبب هذا التغضب الذي بدا على محيا الركاب كلهم من الذكور إلا امراة ذات خصر ضخم جلست في المقاعد الخلفية وعجنتنا نحن الذكور الثلاثة بين البابين.
قطعنا شريطا من الطريق المعبد في اتجاه الشرق. وحيدا فاتحا لا احمل إلا رقم هاتف مبين اليوم يوم سوق تفضل أحد الركاب وسجل ملاحظات حول غياب المطر ونبات القمح الذي يشرئب بأعناقه لغيث قد ياتي ولاياتي.، انتظرت أن يحدثني عن الاستسقاء الذي  دعا اليه العاهل ولم تمر عليه الا ثلاثة ايام وبكى فيه رئيس حكومة الرباط، لكن زميلي لم يفعل.
كانت عربة هتلر التي يتجاوز عمرها خمسة عقود تتمايل بقوة عند كل منعرج وبغيره، كأنها شاركت في الحرب العالمية الثانية. قلت مع نفسي سابدأ بالحديث عن هذه الطريق غير الصالحة.. لم تمر دقائق حتى تحولت الطريق الى فضاء واسع وقلت في نفسي هل تم إصلاحها ولماذا لم يتم اكمالها حتى مدينة الثقافة والفنون. لازلت اتذكر هذا واذا بالشريط القديم يعود لقد صارت الطريق مرة اخرى ضيقة، وعادة عربة هتلر في التمايل في إحدى المرات فكرت في قراء الشهادة، شهادة أن لاإلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله.
دخلنا دوار أولاد فارس حيث السوق الأسبوعي الشهير والذي تحمل المنطقة إسمه احد الغربية وربما هناك احد شرقية وأحد جنوبية وأحد شمالية لكن لا اعرف إن كانت بالفعل. طوحت بنا العربة كما ابتلعتنا قرب مسجد الحسن الثاني بأصيلة سألت زميلي الكهل الذي كان بجانبي هل هذا هو سوق الأحد؟
قال: نعم. كان ينتظر عبور سيارة ليقطع الشارع كنت اعتقد انه ينتظرني للمزيد من الحديث معه لكنه سارع الخطى في اتجاه لا أعرفه فهمت انه لم يكن ينتظرني.، فصممت على اختراق الفضاء الذي لا أعرف فيه إلا الله ورقم هاتف قد يجيب او لا يجيب. مررت ببناية كبيرة وفوقها راية لم اعرف ماذا تحتوي. وقلت في نفسي عقلية قديمة لازالت تتحكم في المشهد فالبناية العمومية الشاهقة تعطي ظهرها للشارع الرئيسي شبه المترب، سرت اتحسس الوجوه والمحلات التجارية الصغيرة ووجوه القرويين عندما وصلت الى شارع الحسن الثاني خفت منه لا أعرف ان كنت خفت من الشارع المترب او من اسمه الذي يذكرني بالملك الجبار. لقد كان الشارع خاليا الا من عربات قليلة واحدة خاصة بالتلقيح الإصطناعي.
تقدمت بخطوات الى الأمام، ثم عدت أدراجي الى الشارع الرئيسي كانت امراة قادمة في منتصف العمر بإزارها الأبيض وجهها أحمر الى حد السواد بفعل أشعة الشمس لم انظر كثيرا اليها، تذكرت عملية رجم العريس عندما يزف الى عروسه، فلغة الرجم لازال لها هنا عنوان.
عدت ادراجي الى المكان الذي لفظتني فيه عربة هتلر واتبعت خطى زميلي الكهل الذي كان بجاني والعربة تكاد تقفز في السماء. وجدت نفسي داخل السوق بدا غير مكتظ لم أعرف حدوده، لذلك كنت اسير على غير هدى أنظر الى المعروضات خضر وفواكه ومتلاشيات وأحذية عصرية للنساء والاطفال والرجال، ما إن دلفت منطقة الجزارين حتى انقضوا علي لشراء لحمهم الأحمر، لم أعرهم اهتماما كالواثق من نفسه واذا بي أجد رجلاي تقودني الى حي المخزن الإداري حيث يقف ثلاث رجال بلباس عسكري على مقربة من يافطة كتب عليه"قيادة أحد الغربية" دلفت الى السوق رايت مخزنا آخر لكنه مخصص للماء "الشاطو" أعجبني منظره قلت ربما هذا هو رمز القرية؟
مررت قرب بائع حلوى شعبية  فوق عربة البوعزيزي اشتريت قطعة كان حلوة كثيرا ولكن مذاقها جيد ما إن دفعت درهم للتاجر الذي كان يرتدي وزرة بيضاء حتى صاح في وجه صديقه بانه يريد مليار فقط ولا غير للعودة الى نفسة والاستمتاع بحياتهّ!! كان يضحك على الزمن الذي قاده الى بيع الحلوى في السوق عاد الى سيارته المركونة خلفه واتكأ عليها وأخذ يتامل المارة، ثم ما لبث أن وقف بهمة لتلبة طلبات الزبائن. قطعة الحلوى أعادت الى ذهني التركيز الذي كدت أفقده. ماذا أفعل عدت الى الشارع الذي لفظتني فيه عربة هتلر  ما ان اصطدمت بعلبة هاتف معلقة امام احد المتاجر حتى اتصلت بالهاتف الذي قادني الى كشك هاتفي.
- أنا مرسول من لدن خالد وبسرعة البرق اخذ محمد رزمة من الأموال وقدمها لي، لكنني قلت له: إني لا أبحث عن المال وليس هذا غرض مجيئي اليك السبب هو ذلك الذي خلق الحدث وعلا خبره شاشة التلفزة والراديو الملقب ببرقية.
طال الحديث شيئا ما كان الزبائن يدخلون تباعا الى الحانوت لشراء تعبئات الاتصالات كان الهاتف الثابت معطلا. وفجأة حل بالمكان الزميل أحمد بومقصر الصحفي الشهير في طنجة الذي كان يشتغل في جريدة طنجة قبل ان يقرر مغادرة المغرب نهائيا والانتقال الى اسبانيا، كانت مناسبة غريبة لاستعادة الذكريات الخاصة بجنون الصحافة بطنجة، وإذا بشيخ القيادة يحل بطاولتنا البسيطة عرفه لي بومقصر بكونه ذاكرة أحد الغربية.
كان الرجل متعبا وموظفا في الإدارة تقلد منصب شيخ بعد التقاعد تحدثنا عن الوضعية المادية والمعنوية لرجال المخزن والتحولات العامة التي عرفها المغرب، كنا لازلنا نتحدث وما إن أخذ الشيخ مكانه بطاولتنا حتى ظهر رئيس الجماعة بلحيته التي تحيل على انتمائه الى حزب رئيس الحكومة بنكيران. تشعب الحديث كان الرئيس يحمل بعض الخضر والفواكه في مكتبه كان واضحا مع نفسه يبدو أنه مرتاح لعمله ومنتش بنجاح حزبه بالحكومة تحدث عن زيارة سابقة لبنكيران الى الجماعة ولقائه بقائدها وعندما حذره من تخويف السلطة من العدالة والتنمية وإرادة تخويف العدالة والتنمية من السلطة واشار ان بنكيران تحدث عن المصالحة مع السلطة الداخلية من قلب مكتب قائد أحد الغربية.
الوضع الامني للجماعة لا يمكن لرئيس الجماعة كما قال الالمام به أخذ سيارته الرباعية الدفع وقام بي بجولة الى السوق الجديد والاعدادية التي هو مدرس بها تحدث لي عن أحلامه بتحويل مركز أحد الغربية الى مدينة. وأشار بالبنان الى انجازات فريقه خلال سنتين تم فيها فتح مشاكل التعميروتسهيل مسطرة الترخيص للمواطنين بدفع العمالة الى تقديم شهادات الاستغلال للناس في الاراضي التي يستغلونها أبا عن جد. أخبرني بتلقيه معلومات عن تحرك لوبي العقار لنهب أراضي الجماعة لكونه يرى فيها منطقة عذراء عكس الجماعات لأخرى.
كان الرئيس يرتدي جلباب أزرق لا تظهر ملامحه جيد لكونه ظل يرتدي"قبه" على طول الوقت. كان واثقا من نفسه ومتسلحا بمرجعيته الأخلاقية تحدث عن متاعبه مع مدير دار الشباب وافاق تحويل السوق الى السوق الجديد وتحرير وسط المركز من الازبال والاكتظاظ لكنه لم يخف أسفه من الاخطاء التي ارتكبها المسيرون السابقون، والنتائج الكارثية لذلك نظير انخفاض عدد السكان من سنة الى أخرى. فقد انتقل عدد السكان من 15 الف نسمة الى حدود 12 نسمة حاليا بفعل غياب الفرص الاقتصادية والهجرة الحادة التي تعرفها المنطقة الى المدن المجاورة.
لقد كان نقل السوق الرئيسي لمدينة طنجة الى جماعة اكزناية التي تتاخم أحد الغربية ضربة موجعة لسوق الجماعة مما ادى الى تراجع نشاطه التجاري وبالتالي تراجع مداخل الجماعة.
الجماعة لا تتوفر على دار للثقافة، ولا يمكن لأي شاب أو شابة أن تحصل بها على شهادة الباكالوريا، وعليهم إن أرادوا ذلك الإنتقال الى مدينة أصيلة أو العرائش. ولكنها في المقابل تتوفر على روض للأطفال ممول من ادارة الإنعاش الوطني. ولكن فقط لاستيعاب اطفال 41 دوارا.
تعاطي الحشيش من رجال المنطقة وشبانها كشرب الماء في البحر، مالح وصعب لكنه وفير. المخدرات القوية غير منتشرة بشكل مكثف لكنها موجودة ومستهلكيها من الشبيبة يتزايدون يوما عن يوم. كما تتنامى السرقات وآخرها سرقة منزلين متجاورين لرجال أعمال أجانب يقيمون بالمنطقة.
كثرة الدواوير وصعوبة المسالك افضت الى ظهور الطائرات الخاصة بتهريب المخدرات. حكى لي بومقصر عن السبق الصحفي الذي حققه بنشر صور طائرة خفيفة كانت تهرب المخدرات من المنطقة الى اسبانيا لكن سقوط المايسترو الذي حطم رقما قياسيا في عدد مذكرات البحث الصادرة في حقه وانحداره من الجماعة اعاد المنطقة الى الواجهة الاعلامية.
وما كاد هذا الخبر يختفي وراء الاحداث حتى اعيدت المنطقة الى الواجهة بعد اعتقال برقية صاحب الحصان وبحوزته شهادة اكبر ممون للهروين على مستوى اصيلة وطنجة. وقد انتبهت شرطة اصيلة الى الخطر القادم من المنطقة، وبتنسيق مع قوات الدرك تم نصب كمين لبرقية واسقاطه معتقلا بعد ان حاول في اللحظات الاخيرة من معركته مع كوماندو القوات العمومية الانتحار.
قهوة بالسكر.
القهوة في احد الغربية تطلبها وتاتيك بسكرها محركة، وما عليك الا الانقضاض عليها لشربها تبدو على الناس نوع من الطيبوبة والسكينة عكس طنجة طيلة وجودي بالجماعة لم المس اية مشاجرة او حديث مرتفع بين الناس كان كل واحد منهمك في البيع او الشراء ما عدا مرور شاب عملاق بقربي وضرب اسفل حذائي الصحفي بحذائه الرياضي لم يلتفت الي رغم التفاتي اليه. قلت بصوت مرتفع:
-  ضربة تحت الحذاء. ولكن الحمد لله أنه لم يضربني تحت الحزام. اختفى الشاب العملاق بين الزحام. اخذت مسجلة صغيرة كانت على الارض من تاجر منكمش على نفسه ولكنها غير صالحة بعد ان استسمحت من التاجر، مطالبا بالمعذرة لاحظت انه زاد انكماشا على نفسه، ويبدو ان اثار التبغ المحلي اثرت على جسده وصوته الذي يتجه نحو الخشونة.
فتيات يرتدين جلابيب تظهر نتوءات اجسادهن الأنثوية، وأخريات يرتدين سراويل طويلة ومعاطف جميلة مقاومة للبرد، لم اشاهد امرأة واحدة تطلق شعرها عدا بعض الفتيات الصغيرات من الطفلات اليافعات اللائي يلعب بتلابيب أمهاتن المتعبات بشراء الحاجيات السوقية.
القائد في عطلة لم اتمكن من رؤيته كما اخبرني رئيس الجماعة عبد الله الغربي، وهو شاب قيل فيه الكثير من الكلام الجيد لكن مقامي القصير بالمنطقة لم يمنحني فرصة للقاء الجمعيات حتى جمعية نساء المجلس الجماعي لاحد الغربية التي أسست لدعم أفكار رئيس الحكومة الجديد بالمنطقة.
لم أسمع آذان الظهر وحتى اذان العصر كان الوقت يمر كالسيف. وقد تمكن من قطعنا دون ان نحصل على معلومات كافية ووافية عن المشهد في الجماعة التي يعتز أهلها بكون المقيم العام الاسباني على اصيلة كان يقيم بها.
سالت الرئيس لماذا لم تتحول الجماعة الى مدينة رغم توفرها على كل المقومات؟
اجابني بحسرة بان جماعته دفعت ضريبة عدم تقدم مدينة اصيلة ،ومع ذلك فالجماعة تعتبر من اهم الجماعات القروية بدائرة اصيلة.
قال الرئيس ان الجماعة مهددة بلوبيات العقار الذين يتربصون بوعائها العقاري المعقد بحكم كثرة اراضي الجماعات السلالية التي تسيل لعاب مافيا العقار وأخبرني الرئيس بعفوية بتوارد أخبار عن رغبة لوبيات العقار بطنجة المدينة العملاقة المجاورة للجماعة بالسيطرة على الجماعة خلال الانتخابات القادمة لتوزيع غنيمة الاراضي ثم ترك الجماعة فيما بعد عظام منهشة لأهلها.

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: تحقيق حول بارون المخدرات برقية بجماعة الحد الغربية/ اصيلة: Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top